رغــم مــرور أكثــر مــن ١٤٠٠ ســنة علــى تحطيــم أكثــر مــن ٣٠٠ صنــم نصبهــا العــرب حــول الكعبــة واندثارهــا..
فمـا زالـت معتقداتهـم وعاداتهـم وتعصبهـم أصنامـاً تُعبـد حتـى يومنـا هـذا،
مــوروث توارثتــه الأجيــال بــلا تعطيــل أو تغيــر أو حتــى تفكيــر،
وإذا ناقشــتهم بالعقــل والبراهيــن والأدلــة أنكــروا عليــك ويجــددون معتقدهــم بقولهــم “هــذا مــا وجدنــا عليــه آباءنــا” يتعجبــون مــن عنــاد وتمســك كفــار قريــش بمعتقداتهــم وهــم
مشــابهين لفكرهــم لا دينهــم،
يعطلــون عقولهــم ويســتخدمون فكــر وعقــل صاحبهــا، وضعهـا باجتهـاد شـخصي منـه دون الاسـتناد لدليـل شـرعي مــن الكتــاب والســنة وهــو تحــت التــراب منــذ آلاف الســنين، يحرمــون وفقــاً للعــادات والتقاليــد فقــط ولا علــم لهــم بالديــن،
يحرمــون كل مــا يخالــف عقليتهــم وعرفهــم فقــط،
أبسط مثال:
فتــاه ترتــدي خمــار لونــه مغايــر عــن اللــون الأســود، تظهــر فــوراً الأحكام،(فاســقة، فاجــرة، متحــررة…) وغيرهــا مــن الألقــاب.
طالمــا أطلقتــم هــذه الأحــكام فبــكل تأكيــد لديكــم دليــل علــى تحريــم لبــس أي خمــار مخالــف للــون الأســود؟
فتكون الإجابة بكل سذاجة:
“لا لكن هذا ما تربينا عليه!”
رغم أن أساس الخمار الأسود كان لهدف التجارة فقط، كان ربيعــة بــن عامــر الدارمــي شــاعر شــريف الأصــل والنســب ظهـر فـي فتـرة الخلافة الأمويـة فـي الكوفـة،
اشتهر بظرافته وغزله وسرعة بديهته، وكان معروف وسط كبار شعراء عصره، انعكف في آخر حياته للعبادة والصلاة والزهد… حتى وقع له موقف ظريف:
قـدم أحـد التجـار إلـى المدينـة المنـورة وبيـده سـلة مـن الخُمر السود..
فلم يجد لها طالباً ولا شارياً،
وظــل طــوال نهــاره يجتهــد بــكل حيلــة لبيــع ســلعته فلــم يبــع منهــا شــيء
فجلس مغتماً مهموم فأشار إليه أحدهم وقال: “إذا أردت أن تبيع خمرك فاقصد الدارمي فهو خاصك” فقصد التاجر دار الدارمي فوجده قد تزهد وانقطع بالمسجد،
فأتاه وقص عليه القصة…
فامتنــع الدارمــي بحجــة أنــه انقطــع عــن هــذه الأمــور وزهــد عنهــا،
فقال له التاجر:
“أنــا رجــل غريــب وليــس لــي بضاعــة ســوى هــذا الحمــل” ورجــاه وتوســله حتــى أقنعــه فخــرج الدارمــي مــن المســجد وعمــل هــذه الأبيــات وشــهرها بيــن النــاس:
قل للمليحة في الخمار الأسود مـــاذا فعلــــت بناســــك متعبـــد قــد كان شــمر للصلاة ثيابـــه حتـى قعـدت لـه بباب المسـجد ردي عليــه صلاته وصيامـــه لا تقتليــــه بـــحق ديــن محمــــد
فكانــت هــذه الأبيــات أول إشــهار وإعــلان في التاريــخ لبضاعة ..
فشـاع بيـن النـاس خبـر الدارمـي أنـه عشـق فتـاة ذات خمـار أسـود ألهتـه عـن عبادتـه وزهـده،
فانكبــت النســاء يشــترين الخمــر الســود وباعهــا التاجــر بأضعــاف ثمنهــا،
وعاد إلى دياره غانماً مبتهجا،
وعاد الدارمي إلى مسجده متعبداً زاهداً…
الشـاهد أن تحديـد لـون الخمـار ليـس اجتهـاداً شـخصياً، إنمـا عـادة توارثتهـا الأجيـال والمخالـف لهـا يعتبـر مخالـف للشـرع والدين!
هـذا المـوروث بأقـل الأمـور فقهـاً بالديـن فكيـف بأكبـر منهـا قليـاً ككشـف الوجـه؟
بمــاذا ســيصفون مــن كشــفت وجههــا باقتناعهــا تحريــم هــذا الأمــر ولديهــا دليلهــا مــن القــرآن والســنة