نــرى مــن بعضهــم قناعــة تامــة بــأن الأبنــاء ملــك لهــم تمامــاً، مثــل المــال ومثــل البيــت ومثــل المجوهــرات..
شـيء شـخصي تماماً يصل أحيانا لمرحلة الاسـتعباد! يتحكم الوالــدان بــكل شــيء يخــص الابــن متــى ينــام؟ ويســتيقظ؟ مــا هــو التخصــص المناســب لــه مــن وجهــة نظرهــم؟ مــا العمــل المناسـب لـه؟ مـا الزوجـة التـي تناسـبه؟ متـى يقـرر الإنجـاب؟
الله حينمـا أمـر بطاعـة الوالديـن جعـل طاعتهـم تحـت مسـمى البــر، بحيــث لا رفــع للصــوت ولا تقليــل مــن الشــأن ولكــن المفاهيم تشابكت أصبح بعض الآباء يرون كل أمر يخالف هواهـم ليـس مـن البـر ويصنـف عقـوق! اختيـار الزوجـة التـي تناسـبني هـذا قـرار شـخصي مصيـري لا عاقـة بالبـر فيـه..
اختيــار التخصــص الــذي أميــل لــه قــرار مصيــري أيضــاً.. اختيــار الوظيفــة التــي أطمــح لهــا قــرار مصيــري..
كلهــا لا علاقة لهــا بالبــر إن خالفــت رأيهــم
لمــاذا يجعــل الوالــدان البــر شــماعة للحصــول علــى اســتعطاف أبنائهــم؟
نشكو من جفاء الأبناء ولم نسأل أنفسنا هل نحن السبب؟
فبعضهــم يعتقــد أن التربيــة هــي توفيــر حيــاة كريمــة ومــال وفيـر وڤيلا ضخمـه وجولـة حـول العالـم! وبعضهـم يـرى أن التربيــة تقضيــب الحاجبيــن ورفــع الصــوت وفــرض الــرأي
بالقــوة!
التربيــة قبــل أن تكــون مهــارة هــي عــدوى نعــم عــدوى! مــا تقدمــه اليــوم ســتجده غــداً أنــت وضعــت البــذرة وســقيتها بأفعالــك وغــداً ســتجني ثمــارك إن كان عسلً أم حنظــاً! التربيــة ســماع الــرأي والنقــاش والوصــول لحــل يرضــي
الطرفيــن وليــس: (أنــا قلــت لا يعنــي لا بــدون نقــاش)!
التربيـة قضـاء أكبـر وقـت معهـم والنـزول لمسـتوى عقولهـم وتفهــم طبيعتهــم وميولهــم، واجعــل نصــب عينيــك أن كل وقــت ســتقضيه معهــم ســيكون رصيــدك بالتمــام حينمــا تبلــغ
مــن العمــر عتّيــا ويمتلــئ الــراس شــيباً..
ســتجلس معهــم بصحتــك ســاعة، سيجلســون معــك بمرضــك ســاعة،
سـتجلس معهـم بصحتـك أغلـب الوقـت، سيجلسـون معـك فـي مرضـك طـوال الوقـت،
ســتبديهم بصحتــك عــن الجميــع، ســيقفون معــك فــي كبــرك حيــن يتخلــى عنــك الجميــع..
افعــل معهــم مــا تطمــح أن يــردوه لــك إذا تبدلــت الأدوار وأصبــح القــوي ضعيــف والضعيــف قــوي ..
التربيــة ليســت إكــراه، التربيــة نصيحــة، وصبــر، ونقــاش، وتحمل، التربية ليست أداة استنساخ لتجعل أبناءك نسختك!
أبنــاؤك لهــم عقلهــم وفكرهــم وطموحهــم واحلامهم .. أنــت عليــك التوجيــه والنصيحــة وهــو يقــرر مــا يطمــح إليــه..
لا تستعبدوا أبناءكم بحجة التربية.
رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنه لقي ما لقي من أبي لهب وأم جميل فإنـه لـم يأمـر بنتيـه بتـرك أبنـاء أبـا لهـب عتبـة وعتيبـة.. حتـى قــال أبــو لهــب لابنيــه “رأســي مــن رأســيكما حــرام إذا لمــا
تفارقـا ابنتـي محمـد ففارقاهمـا”.
لا يوجد شيء أعظم من الدعوة لله رغم ذلك ترك الرسول -عليـه الصـلاة والسلام- القـرار لابنتيـه لأنهـا حياتهـم وهـذا هـو المنهـج النبـوي التربيـة تقـارب ونقـاش وليـس اسـتعباد..
اجعلوا طاعتهم لكم حباً لا كرهاً وخوفاً..
والجلــوس معكــم متعــة لا ظلمــة.. والنظــر إليكــم رحمــة لا قســوة.