يحبون من هاجر اليهم

قـد نحتـاج كل فتـرة أن نراجـع مسـتوى الإيمـان فـي قلوبنـا، ونتســاءل بصــدق..
هل نحن مؤمنون حقاً؟
هل الإيمان متشعب بقلوبنا؟
أم هي كلمات لا تتجاوز أفواهنا؟
هنــا ســنعرف مقــدار الإيمــان هــل بصــدق مــا زال إيماننــا بخيــر وإلا فعلينــا مراجعــة إيماننــا وتغييــر ســلوكنا وتهذيــب أنفســنا!
حينمــا ضاقــت الأرض بمــا رحبــت علــى رســول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابــه بعدمــا لقــوا مــا لقــوا مــن المشــركين أمرهــم الله بالهجــرة إلــى يثــرب تاركيــن وراءهــم ديارهــم وأموالهــم
وتجارتهــم،
الأخ تــرك أخــاه، والأم تركــت أبناءهــا، والأب تــرك أبنــاءه، الأســرة تفرقــت..
ذهبـوا إلـى بلـد لا يعرفونهـا، ومصيـر يجهلونـه، فهـم ذاهبـون إلى بلد لا سـكن لهم فيه ولا عمل ولا حتى نسـب أو رحم!
ولكــن لا يعلمــون أن أهــل هــذه البلــد صادقــوا الإيمــان.. فالأنصـار رغـم وجـود حـروب بيـن بعضهـم بعضـاً إلا أنهـم عاملــوا المهاجريــن معاملــة خاصــة..
حتــى أن الله امتدحهــم وأنــزل الآيــات بهــم، فقــد قــال الله تعالــى: ﴿َوَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشــر:9]
تخيـلً معـي أن الأنصـار غيـر أنهـم يحبـون المهاجريـن فهـم أيضــا لــم يتضايقــوا مــن مقاســمتهم لهــم بالــرزق والتجــارة بــل إن بعضهــم كان يعــرض نــص مالــه ونــص بيتــه لأخيــه
المهاجــر..
بل الأعظم أنهم يْؤثرونهم على أنفسهم..
إذا كان أحدهــم لا يملــك إلا هــذه البضاعــة أو هــذا المــال، فيقدمه للمهاجر ويؤثره على نفسـه حتى لو كان هو محتاج لهـذه البضاعـة ولهـذا المـال!
هنـا يظهـر الإيمـان الحـق والتـوكل الحـق بـأن الأرزاق متكفل بها الله -عز وجل- ولا يأخذ شخص رزق الآخر.. إذا ما عاقـة هـذا بإيماننا؟
بـكل بسـاطه مـا هـو حالنـا مـع كل شـخص مغتـرب جـاء إلينـا مـن أجـل البحـث عـن عمـل؟
هل تنطبق علينا آية الأنصار؟ هل فعاً نحب من يأتي لأوطاننا؟ هل نقاسمه بمالنا إذا كان محتاج له؟
الأهــم هــل نجــد فــي صدرنــا غــاً أو حقــداً عليــه بأنــه أخــذ مكاننـا ونحـن أحـق منـه بحكـم أننـا أبنـاء الوطـن وهـو دخيـل علينــا؟
جميعنــا لا نتمنــى أن نتغــرب عــن أوطاننــا ولا عــن أهلينــا، جميعــاً نتشــوق للمــة الأهــل وضحكاتهــم…
فالـذي تبغضـه وتحسـده لأنـه حاصـل علـى وظيفـة قـد تكـون بنظــرك أفضــل مــن وظيفتــك، تأكــد بأنــه قــد دفــع الثمــن مضاعــف وهــو الحرمــان مــن الوطــن والأهــل والولــد..
فالرفـق الرفـق بمـن تركـوا أوطانهـم بحثـاً عـن الـرزق الـذي لـم يجـدوه فـي أوطانهـم
واعلــم جيــداً أن الــرزق بيــد الله ولــن يأخــذ أحــد رزق أحــد ولــو كان فــي أقصــى الأرض.
وحـده متكفـل بالـرزق قـال الله تعالـى: ﴿َوِفـي الَّسـَماِء ِرْزُقُكـْم َوَمــا تُوَعــُدوَن﴾ [الذاريــات:22] أنــت عبــد الغنــي فــا تربــط رزقــك بوظيفــة هــذا أو منصــب هــذا، رزقــك بيــد مــن بيــده خزائـن الأرض والسـماء ولـو أعطـى كل إنسـان مسـألته مـا
نقـص مـن ملكـه شـيء، فكـن مطمئنـاً.

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *